:: الجنس ::: : -~ عدد آلمُسآهمإت -~ : 16:: العمر ::: : 45
موضوع: الأخوان المسلمين الخميس أبريل 07, 2011 11:55 pm
لم يزل فقهاء الدعوة (انظر: الشيخ محمد عبد الله الخطيب، موقع "إخوان أون لاين") المعتمَدون وجميع قياداتها يعتبرون الإخوان هم جماعة من المسلمين، تسعى لتحقيق منهج الله في الأرض، وإيجاد الأمة التي تحمل هذا المنهج وتطبقه- أولاً- على نفسها، وتتحمل تبعات هذه الأمانة، والإخوان لا ينسون أبدًا أخوتهم لكل مسلم، كما وصف الله المؤمنين بقوله: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)﴾ (المائدة).
كما أنهم لا يبخسون أهل الفضل فضلهم، ولا يتكبرون على الحق، بل يُحاسبون أنفسهم بإنصاف، والميزان الذي يرجعون إليه هو الحق المتمثل في الكتاب والسنة، والحكم دائمًا بينهم هو حكم الله ورسوله والشورى، كما تحاول الجماعة دائمًا أن تنقي صفها، وأن تُربِّى أفرادها، وتحرر المسلمين من أمراضهم التي أدَّت إلى إذلالهم وقعودهم وتخلفهم
فالعاملون للإسلام بحق يفهمون جيدًا أن جماعة المسلمين هي التي يمكِّن الله لها في الأرض، ويكون لها إمام هو إمام المسلمين جميعًا، وقبل ذلك لا يجوز ولا يصح هذا، كما أن الإسلام ليس حكرًا على طائفة أو حزب أو جنس بشري، وإنما هو دين الله الذي ختم به الرسالات للبشرية جمعاء، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو وحده محل القدوة والأسوة ومصدر التلقي والاتباع والطاعة ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)﴾ (آل عمران)، ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)﴾ (الأحزاب).
إن أي إنسان أو طائفة أو جماعة أو جنس بشري لا يمتلك ذلك مهما علا شأنه، فإنه يبقى دائمًا وأبدًا متبعًا وليس مبتدعًا، ويبقى الإسلام وحده هو الموجِّه والقائد، ويبقى الإسلام وحده هو الحاكم والمسيطر على سلوكنا جميعًا، ويبقى الإسلام وحده هو الميزان الثابت لأعمالنا.. ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138)﴾ (البقرة)
ولا يصح أبدًا أن يكون سلوك فرد أو جماعة أو هيئة هو المنهج والمقياس، وأن نصيب المسلمين أفرادًا وجماعات من نصرة الإسلام لا يكون متفاوتًا إلا بمقدار ما يقدمون لدينهم ولأمتهم، وبمقدار إخلاصهم وتجردهم، وبمقدار صدقهم وعطائهم، وبمقدار ما يقتربون بسلوكهم من المثل الكامل، المثل الأعلى المعصوم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
الإسلام دين جماهير هذه الأمة في أنحاء العالم، وهو أمل هذه الجماهير وهدفها، بل وحياتها
ومن هنا نستطيع أن نقول: إن الجماعات أو الجمعيات التي تدعو إلى الإسلام ليست مراكز احتكار له، وليست بعيدة عن جماهير الأمة أو منفصلة عنها، أو غريبة على كيانها وحقيقتها، وإنما هي مجموعات من العاملين للإسلام، ترجو أن تكون أكثر ثوابًا عند الله، وأكثر اهتمامًا بقضايا الإسلام وآلامه، وهي مراكز تعمل للإسلام وتتمثل الإسلام الحق في واقعها، وتعطي نموذجًا عمليًّا حسنًا طيبًا للحياة الإسلامية في تسامحها وعدلها وأفقها الواسع وفهمها العميق للإسلام، وحبها للآخرين، وحرصها على سيادة أمة الإسلام.
نخلص لكل الهيئات الإسلامية ونلتمس العذر لمن يخالفوننا
إن دعوة الإخوان المسلمين دعوة عامة، تتوجه إلى صميم الدين ولُبِّه، وترفض أن تنتسب إلى طائفة خاصة، أو تنحاز إلى رأي عُرف عند الناس بلون خاص ومستلزمات وتوابع خاصة، وتود أن تتوحد وجهة النظر والهمم حتى يكون العمل أجدى والإنتاج أعظم وأكبر، فهي دعوة مع الحق أينما كان، تحب الإجماع، وتكره الشذوذ، وتفهم أن أعظم ما مُني به المسلمون: الفرقة والخلاف، وأساس ما انتصروا به: الحب والوحدة (انظر: الأستاذ عبده مصطفى دسوقي، موقع (إخوان أون لاين).
والإخوان يلتمسون العذر كلَّ العذر لِمَن يخالفونهم في بعض الفرعيات، ويرون أن هذا الخلاف لا يكون أبدًا حائلاً دون ارتباط القلوب وتبادل الحب والتعاون على الخير، وأن يشمل الجميع معنى الإسلام السابغ بأفضل حدوده وأوسع مشتملاته، لذا فإن الإخوان المسلمين هم أوسع الناس صدرًا مع مخالفيهم، ويرون أن مع كلِّ قوم علمًا، وفي كل دعوة حقًّا وباطلاً، فهم يتحرون الحق ويأخذون به، ويحاولون- في رفق- إقناع المخالفين بوجهة نظرهم، فإن اقتنعوا فذاك، وإن لم يقتنعوا فإخوان في الدين، نسأل الله لنا ولهم الهداية.
والإخوان بهذا يجيزون الخلاف ويكرهون التعصب للرأي، ويحاولون الوصول إلى الحق، ويحملون الناس على ذلك بألطف وسائل اللين والحب
ويرحب الإخوان بكل فكرة ترمي إلى توحيد جهود المسلمين في سائر بقاع الأرض، ويخلصون بالتالي لكلِّ الهيئات الإسلامية، ويحاولون التقريب بينها بكلِّ الوسائط، ويعتقدون أن الحب بين المسلمين هو أصلح أساس لإيقاظهم، وهم يناوئون كل هيئة تشوه معنى الإسلام.
وقد حرص الإمام الشهيد حسن البنا على تأكيد هذه المعاني في رسائله، يقول- رحمه الله- في إحداها: "وستسمعون أن هيئة من الهيئات تتحدث عنكم، فإن كان الحديث خيرًا فاشكروا لها في أنفسكم، ولا يخدعنكم ذلك عن حقيقتكم، وإن كان غير ذلك فالتمسوا لها المعاذير وانتظروا حتى يكشف الزمن الحقائق، ولا تقابلوا هذا الذنب بذنب مثله، ولا يشغلنكم الرد عليه عن الجد فيما أخدتم أنفسكم بسبيله، وثقوا أن ذلك لن يصرف عنكم أحدًا، ولن يضيركم أن تصبروا وتتقوا، فإن ذلك من عزم الأمور، وستسمعون أن هيئة تتهمكم بالاتصال بهيئات أخرى تكرهها أو تصادمها، فلا تهتموا بذلك ولا تحاولوا أن تنفوه أو تثبتوه، فإن على المتهم أن يثبت، والبينة على من ادّعى، والأمر لا يتعدى أحد موقفين، إما أن يكون هذا المتهم جادًّا، فيحاول أن يتأكد ليثبت، وسيؤديه تثبته- ولو بعد حين- إلى معرفة حقيقة دعوتكم، وأنكم لا تتصلون إلا بالله ورسوله، ولا تعملون إلا للإسلام وأهله، وإما غير جادٍّ فيما يقول، وإنما يتسلى بالتهم ويتلذذ بالغيبة، فهو لن يضيركم أمره شيئًا، فدعوه يتروح بهذا القول ما شاء له التروح، وسلوا الله تعالى لنا وله الهداية والنصرة" (انظر: رسالة المؤتمر السادس).
ماذا نعني بشعار "الإسلام هو الحل"؟
إننا حينما نقول إن الإسلام هو الحل، إنما نعني بذلك أنه المرجعية التي ينبغي على المسلمين أن يرجعوا إليها ويستمدوا منها ويجتهدوا فيها، شريطة أن يستكملوا شروط الاجتهاد، أو أن يختاروا من بين اجتهادات المجتهدين؛ وهو ما نفعله، ومن ثَمَّ فإننا نقرر أننا لا نحتكر الإسلام، ولا فهم الإسلام، وأن ما نراه إنما هو اجتهاداتنا البشرية أو اختياراتنا من اجتهادات الفقهاء، وهي ليست مقدسة بالطبع، وأننا نسعد حينما يفعل غيرنا مثلما فعلنا ولو انتهت اجتهاداتهم واختياراتهم إلى غير ما انتهينا إليه (انظر بالتفصيل: نعم.. الإسلام هو الحل، د.حمود غزلان، دار الوفاء للنشر والتوزيع، 2005م).
وأما أولئك الذين يزعمون أن الإسلام دين لا شأن له بالدولة، فإننا نعرض له حقيقة الإسلام وطبيعته من خلال بعض نصوصه في إيجاز شديد، وأننا حينما نقول إن الإسلام هو الحل إنما نقرر:
2- حرية الرأي والتعبير، حتى ليراجع المسلمون النبي صلى الله عليه وسلم وهو الموحَى إليه، وذلك في غزوات بدر وأُحد والأحزاب، وحتى يقول رجل لعمر: "اتق الله" فيرد: "لا خير فيكم إن لم تقولوها، ولا خير فينا إن لم نسمعها"، وحينما تستدرك عليه امرأة وهو على المنبر، فيقر بخطئه قائلاً: "أصابت امرأة وأخطأ عمر".
3- مبدأ الشورى أو الديمقراطية الإسلامية ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ﴾ (آل عمران: من الآية 159).
4- حق الشعب في اختيار حاكمه بمحض إرادته الحرة، حتى ليختار المسلمون أبا بكر خليفة لرسول الله قبل أن يواروه صلى الله عليه وسلم التراب.
5- وأنَّ هذا الحاكم وكيل عن الأمة، وأنها مصدر السلطات، ومن حقها محاسبته "أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم"، "لو رأينا فيك اعوجاجًا لقوّمناه بسيوفنا".
6- المساواة الإنسانية العامة ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)﴾ (الحجرات)، "كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي إلا بالتقوى".
7- والمساواة أمام القانون "إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".
8- والمساواة أمام القضاء: ﴿إِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ (النساء: من الآية 58).
وإنما نقرر حقوق الإنسان في أكمل صورها وأوسع معانيها:
- حقه في الحياة ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾ (المائدة: من الآية 32)، "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم".
- حقه في العزة والكرامة الإنسانية ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)﴾ (الإسراء)، ومن ثَمَّ تحريم تخويفه وتعذيبه "لا تروعوا المسلم فإن روعة المسلم ظلم عظيم"، "إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا".
- تحريم الظلم: "اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة"، "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، قالوا: ننصره مظلومًا فكيف ننصره ظالمًا؟ قال عليه الصلاة والسلام: "تحجزه عن ظلمه".
- حق الإنسان في تكوين أسرته ﴿وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)﴾ (النور)، حتى جعل لهم الإسلام من الزكاة نصيبًا يتزوجون به.
- حق الفرد على الدولة في إيجاد عمل لكلٍّ قادر، وأجر مناسب لكلِّ عامل، وكفالة لكلِّ عاجز "من كان لنا عاملاً ولم يكن له مسكن فليتخذ مسكنًا، وليس له زوجة فليتخذ زوجة، ولم يكن له خادم فليتخذ خادمًا، ولم يكن له دابة فليتخذ دابة".
- حق الفرد في كفالة المجتمع عند العجز أو البطالة ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ (المائدة: من الآية 2)، "من ترك مالاً فلورثته ومن ترك ديْـنًا أو ضياعًا فليأتني فأنا مولاه".
- تحريم استغلال النفوذ والتربح "ما بال العامل منكم أبعثه فيما ولاني الله فيرجع فيقول هذا لكم وهذا أهدي إليّ، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا"، "إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة"، ولقد أرسى عمر- رضي الله عنه- مبدأ: "من أين لك هذا" وطبَّقه على ولاته وصادر من أموالهم ما تبين أنهم جمعوه بمقتضى مناصبهم.
- حرمة الملكية الخاصة ما دام كانت مصادرها حلالاً وتؤدِّي حق الله وحق المجتمع.
9- وجوب محاربة الفقر "أيما أهل عرصة أمسوا وفيهم جائع، فقد برئت منهم ذمة الله ورسوله"، حتى قرنه الرسول صلى الله عليه وسلم بالكفر واستعاذ منهما معًا "اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر"، وقال علىٌّ: "لو كان الفقر رجلاً لقتلته".
10- مسئولية الحاكم عن أعمال وزرائه وموظفيه، يقول عمر: "أيما عامل لي ظلم أحدًا وبلغتني مظلمته فلم أغيرها فأنا ظلمته"، ويقول: "أرأيتم إذا استعملت عليكم خير مَن أعلم ثم أمرته بالعدل، أكنت قضيتُ ما عليَّ؟ قالوا: نعم، فقال: لا، حتى أنظر عمله، أعمل بما أمرته أم لا؟".
11- واجب محاربة الظلم والفساد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ (41)﴾ (الحج)، "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان".
12- حقوق المرأة في اختيار شريك حياتها وحقها في مباشرة كلِّ العقود المدنية في العمل الذي يتناسب مع طبيعتها، وحقها في الانتخاب والترشيح للمجالس النيابية والمحلية وتولي الوظائف العامة التي تناسبها.
13- حقوق غير المسلمين وحرياتهم التي يوجزها المبدأ المقرر "لهم ما لنا وعليهم ما علينا".
هذه المبادئ العامة قليل من كثير، وهي كما رأينا تغطي مختلف مناحي الحياة، جاء بها الإسلام وطبَّقها المسلمون أزمنة طويلة، وانحرفوا عن بعضها هنا وهناك، فنحن حينما نقول إن الإسلام هو الحل، إنما نرمي إلى التصدي لهذه الانحرافات وهي شاخصة في مجتمعاتنا شخوص الشمس، فالاستبداد السياسي والأخلاقي والإداري والمالي سقط بالبلد إلى مؤخرة الأمم، وأي مشروع للنهضة لا بدَّ وأن يستند- في عقيدتنا- إلى هذه المبادئ النابعة من الإيمان والتاريخ والتراث والتشريع الإسلامي، وعلينا أن نترجم هذه المبادئ إلى مناهج وبرامج وتشريعات نسعى لتحقيقها في واقع الحياة، وقد صُغناها في برنامج انتخابي لنا، نرجو لمن يكتبون عنَّا أن يقرءوه.
ونحن إذ نفعل ذلك ونرفع هذا الشعار لا نعني مطلقًا أننا المسلمون وأن من عدانا ليسوا مسلمين، فنحن الذين تصدينا لفتنة التكفير في وقت كانت فيه ظهورنا وأجسادنا ممزقة بالسياط وأيدينا وأرجلنا مكبلة بالأصفاد ونقبع في غياهب السجون، ومع ذلك لم نُكفر جلادينا وظالمينا وأصدرنا كتاب "دعاة لا قضاة"، وما زلنا نطبعه وننشره، فكيف نُكفر مَن يُخالفنا الرأي فقط، وأيضًا لسنا نزعم أنَّ دولتنا ليست إسلامية، ولكننا نقرر للحق أنَّ بها انحرافات جسيمة عن الإسلام وتشريعه، ولا سيما في مجال الحريات العامة والحكم والمال، ومن ثَمّ فإننا نسعى للإصلاح ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (18)إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)﴾ (هود).
ومن ثمَّ فليس من حق أحد أن ينكر علينا شعارنا الذي نُعبّر به عن عقيدتنا وفكرنا وشريعتنا ومنهجنا ومرجعيتنا، كما لا ننكر على أي فصيل شعاره ومرجعيته.
منهجنا في الإصلاح والتغيير
إن الإصلاح صفة أصيلة في المنتسبين إلى الله تعالى، الذين يحملون لواء دعوته في كل زمان ومكان، وليست فعلاً مؤقتًا مرتبطًا بظروف خاصة، أو ردًّا لفعل الآخرين، أو استجابة لدعوة مفتراة من خارج الحدود، أو تفاعلاً مع حملة غاشمة يشنها أعداء الأمة، وأنى لمن يحملون همَّ الأمة وقد دفعت أجيالهم- وما زالت- ثمن الدفاع عنها، أن يكونوا أداة هدم أو سبب تهديد؟ (انظر بالتفصيل: الإسلاميون وجهود الإصلاح، أحمدي قاسم، دار التوزيع والنشر الإسلامية 2004م).
ونتيجة للفهم العام الشامل للإسلام عند الإخوان المسلمين، أن شملت فكرتهم كل نواحي الإصلاح في الأمة، وتمثلت فيها كلُّ عناصر غيرها من الفكر الإصلاحي، وأصبح كلُّ مصلح غيور يجد فيها أمنيته..
لهذا فلا عجب أن يواصل الإخوان النهج الإصلاحي نفسه الذي كان عليه أسلافهم.. ففي وقت مبكر قدَّم الإمام الشهيد حسن البنا- رحمه الله- رؤيته الشاملة للإصلاح؛ حيث اعتمد التربية أساسًا للتكوين، واتخذ من الإقناع الجماهيري القاعدي وسيلةً لتغيير القمة، وراسل الحكام والقادة، وقدَّم المبادرات الإيجابية بلا كللٍ أو مللٍ.. في سنة 1936م قدم مبادرته الإصلاحية الأولى إلى الملك فاروق، وإلى مصطفى النحاس، وإلى ملوك وأمراء وحكام بلدان العالم الإسلامي المختلفة، كما خاطب عددًا كبيرًا من ذوي المكانة الدينية والدنيوية من رجالات الأمة، وكان مما أرسله إلى بعضهم: "وبعد، فهذه رسالة الإخوان المسلمين، نتقدم بها، وإنا لنضع أنفسنا ومواهبنا، وكل ما نملك تحت تصرف أي هيئة أو حكومة تريد أن تخطو بأمة إسلامية نحو الرقي والتقدم، نجيب النداء، ونكون الفداء، ونرجو أن نكون قد أدينا بذلك أمانتنا، وقلنا كلمتنا، والدين النصيحة، لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، وحسبنا الله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى" (انظر: رسالة نحو النور).
وبعد أسبوع واحد من قيام حركة الجيش التي ساندتها الجماعة، قدموا رؤيتهم لإصلاح الإنسان والمكان، وقد شملت سبعة محاور جامعة هي: التطهير الشامل، الإصلاح الخلقي، الإصلاح الدستوري، الإصلاح الاجتماعي، الإصلاح الاقتصادي، التربية العسكرية، البوليس.
وقد سار بقية المرشدين على النهج نفسه، من النصح للمسئولين، وابتكار الوسائل العملية للإصلاح بكلِّ جوانبه، فلا تمر مناسبة ولا تطرح قضية ولا يجري حدث على أرض الأمة، إلا ويشارك الإخوان المسلمون بطرح معالجة من وجهة النظر الإسلامية، من خلال بيان أو عقد مؤتمر، أو مشاركة فعالة، يقدمون ذلك كله من موقع المعارضة الممنوعة من الحق الشرعي في الممارسة السياسية الطبيعية، المحرومة من أبسط وسائل التعبير والتواصل الجماهيري.
ولعل مبادرة الإخوان التي طرحها مرشدهم السابع محمد مهدي عاكف عام 2004م، تعد امتدادًا طبيعيًّا لجهود الإخوان الإصلاحية السابقة، إذ أكدت في مقدمتها أن الإصلاح الشامل هو مطلب وطني وقومي وإسلامي، بهدف إنجاز آمال الشعوب في حياة حرة كريمة، ونهضة شاملة، وحرية وعدل ومساواة، وأن البداية يجب أن تكون من الإصلاح السياسي الذي هو نقطة الانطلاق لإصلاح بقية مجالات الحياة.. ويرى الإخوان المسلمون أن واجب الوقت يقتضي من كل القوى السياسية والنخب الفكرية والثقافية وجميع المهتمين بالشأن العام أن يلتقوا حول إطار عريض ينطلق من المقومات الأساسية لهذا المجتمع، وأن يتعاونوا في المتفق عليه- وهو كثير-، وأن يتحاوروا حول المختلف فيه- وهو قليل- من أجل الصالح العام لهذه الأمة.
وقد جاءت المبادرة شاملة كافة مناحي الحياة، مبسوطة في ثلاثة عشر محورًا، في مجال بناء الإنسان المصري، وفي الإصلاح السياسي والقضائي والانتخابي والاقتصادي والثقافي والتعليم والبحث العلمي وفي العلاقات الخارجية، وفي مجال إصلاح الأزهر الشريف، وفي مجال مكافحة الفقر، وفي إصلاح المرأة، وفي علاقة المسلمين بالأقباط.
وقد لخصت المبادرة نهج الإخوان الإصلاحي بالقول: نرى أن الغاية لدعوتنا هذه هي الإصلاح الحقيقي الشامل الذي يجب أن نتعاون عليه جميعًا، من خلال القنوات الدستورية والقانونية، لإقامة شرع الله، وفي ذلك صلاح الدنيا والدين ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (18)﴾ (الجاثية).
ولذلك فإن لنا مهمة محددة، نقدمها كتصور أساسي للإصلاح، تتمثل هذه المهمة إجمالاً في العمل على إقامة شرع الله، من منطلق إيماننا بأنه المخرج الحقيقي الفاعل لكل ما نعاني منه من مشكلات داخلية وخارجية، سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، وذلك من خلال تكوين الفرد المسلم، والبيت المسلم، والحكومة المسلمة، والدولة التي تقود الدول الإسلامية وتقيم شتات المسلمين، وتستعيد مجدهم وترد عليهم أرضهم المفقودة وأوطانهم السليبة، وتحمل لواء الدعوة إلى الله، حتى تسعد العالم بخير الإسلام وتعاليمه.. فهذه غايتنا في الإصلاح، وهذا منهجنا.